قوله عز وجل: {وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً} فيهم قولان:أحدهما: أنهم الكفار الذين يستهزئون بآيات الله إذا سمعوها، قاله علي بن عيسى.والثاني: أنه ليس قوم لهم عيد يلهون فيه إلا أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فإن أعيادهم صلاة وتكبير وبر وخير، قاله الفراء.{وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} يحتمل وجهين:أحدهما: معناه وغرتهم الحياة الدنيا بالسلامة فيها، ونيل المطلوب منها.والثاني: معناه وغرتهم الدنيا بالحياة والسلامة منها، فيكون الغرور على الوجه الأول بالحياة، وعلى الثاني بالدنيا.{وَذَكَّرَ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ} قيل معناه أن لا تبسل كما قال تعالى: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ} [النساء: 176] بمعنى أن لا تضلوا.وفي قوله: {أَن تُبْسَلَ} ستة أوجه:أحدها: أن تسلم، قاله الحسن، وعكرمة، ومجاهد، والسدي.والثاني: أن تُحْبَس، قاله قتادة.والثالث: أن تُفْضح، قاله ابن عباس.والرابع: أن تُؤْخَذ بما كسبت، قاله ابن زيد.والخامس: أن تُجْزَى، قاله الكلبي.والسادس: أن تُرْتَهن، قاله الفراء، من قولهم أسد باسل لأن فريسته مُرْتَهَنَة معه لا تَفْلِت منه، ومنه قول عوف بن الأحوص الكلابي:وإبسالي بني بغير جرم *** بعوناه ولا بدم مراقوقوله: بعوناه أي جنيناه، وأصل الإبسال التحريم من قولهم: شراب بَسْل اي حرام، قال الشاعر:بَكَرت تَلُومُكَ بَعْدَ وَهْنٍ في النَّدى *** بسلٌ عليكِ مَلاَمَتِي وَعِتَابيأي حرام عليك.وفي قوله تعالى: {وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَا} تأويلان:أحدهما: معناه وإن تفد كل فدية من جهة المال والثروة، قاله قتادة، والسدي، وابن زيد.والثاني: من جهة الإِسلام والتوبة، قاله الحسن.واختلف في نسخها على قولين:أحدهما: أنها منسوخة بقوله تعالى: {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيثُ وَجَدْتُمُوهُم} [التوبة: 5] قاله قتادة.والثاني: أنها ثابتة على جهة التهديد كقوله تعالى: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً} [المدثر: 11]، قاله مجاهد.